تحية عبد الناصر لم يكرهها أحد وربما أحبها كثيرون لكن ليس بشكل إعلامي..أما جيهان السادات فقد تقبلها الناس إلى حد كبير لأنشطتها الاجتماعية..
هكذا وصف الخبراء علاقة الشعب المصري بسيدات مصر الأوليات اللاتي توالت عليه منذ قيام ثورة يوليو 1952 وحتى ثورة يناير 2011.. محاولين إجابة السؤال عن الدور الذي يجب أن تلعبه زوجة الرئيس لكي تحظى بحب الشعب واحترامه ولكي تضيف لرصيد زوجها الحاكم لديه، وعن أدوات الحماية التي يجب أن تتسلح بها ضد التحولات النفسية والاجتماعية التى تحدث لها عندما تجد نفسها فجأة فى دائرة الضوء وموقع المسئولية، فلا تصل لمرحلة التصلب الفكري فتشوه صورة الزوج وتدق بتجاوزاتها أهم مسمار في نعش حكمه..
تحية.. ليدي مصرية
ترى نجلاء محفوظ ،الكاتبة وخبيرة التنمية البشرية، أن الناس تحترم شخص السيدة تحية عبد الناصر أكثر من غيرها لأنها نموذج للمرأه المصرية التى تدعم زوجها وتحترمه ولاتتدخل فى مهام عمله، فهى ليدي بحق اهتمت بزوجها وأحبته وهوما يظهر من خلال الخطابات، نشرت فى صحيفة الأهرام، التى أرسلها إليها الرئيس جمال عبد الناصر وهو على الجبهة، إضافه إلى أن السيدة تحية والرئيس جمال يمثلان نموذجا فريدا لم يتكرر فى مصر والبلدان العربية، فهناك احترام متبادل بين الطرفين وعلاقة راقية قدرها الشعب واحترمها.
جيهان.. ظهور إعلامي
أما عن السيدة جيهان السادات فتقول عنها محفوظ: إن بدايتها كانت سببا فى ترحيب الناس بها، خاصة فيما يتعلق بدورها المجتمعى وأنشطتها الاجتماعية و خاصه أنها اتسمت بملامح جميلة جذبت الناس إليها، ولكن ما أثير حول تدخلها فى شئون الدولة وماعرف بقوانين جيهان خلق شعورا بالاستياء تجاهها وبالذات عندما تزامن ذلك مع ظهورها العام بشكل متزايد، وهو ما أوحى للناس بأنها شخصية مسيطرة الأمر الذي قلل من شعبيتها، وبالتالى قلل من قدر زوجها على الرغم من تعاملها الودود مع الناس.
سوزان.. مشروعات وهمية
وعن رأيها فى نظرة الجماهير تجاه السيدة سوزان مبارك أكدت نجلاء أن ما عرف عنها أنها غير ملتزمة بالمواعيد حتى في المناسبات والاحتفالات الرسمية، وأن معظم الخطابات التى كانت تقوم بإلقائها كانت تُظهر أن من يقوم بكتابة هذه الخطابات ليس لديه الوعى الكافى بالإضافة إلى أنها فى أحد خطاباتها التى ألقتها قالت: إنها تريد قصصا علمية فقط بدون خيال وهى تتحدث هنا عن كتب الاطفال، وهو ما يوضح أن مستشاريها لم يكونوا على مستوى من الأمانة والكفاءة خاصه إذا عرفنا الدور الكبير الذى يلعبه الخيال فى كتب الأطفال فى تنمية مواهبهم، كما أن سوزان لم تكن ودودة فى حديثها مع الأشخاص ،وهو ما يظهر من خلال ظهورها الإعلامى، مما أظهرها كشخصية متسلطة وخصم من شخصيتها وانعكس سلبيا أيضا على شخصية مبارك وخصم من شعبيته على عكس شخصية تحيه عبد الناصر.
المنصب والتصلب الفكري
وفي تعبير لها عن الدور الايجابى الذي يجب أن تلعبه زوجة الرئيس تقول: سيدة مصر الأولى لا يجب أن تكتفى بجلوسها فى المنزل ولعب دور زوجة الرئيس فقط، ولكن من المفترض أن يكون لها دور إيجابى يتمثل فى أن تكون عينا أمينة لزوجها رئيس الجمهورية من خلال رصدها لآلام الناس ومشاكلهم ونقلها لزوجها بشكل صادق، وهو ما سيحقق لها ذاتها ويظهرها بمظهر يحترمه الشعب وينعكس على شخصية زوجها أيضا.
وحول سؤال عن مدى الآثار النفسية والاجتماعية التى تحدث لأى امرأة عادية عندما تجد نفسها فجأة فى دائرة الضوء وموقع المسئولية كشخصية قيادية، تجيب نجلاء: إن الانسان عندما تحدث له قفزة فى حياته فإنه يمر بمرحلة يشعر فيها بالدهشة وعدم التصديق، ثم تنخفض هذه الحالة تدريجيا إلى أن يصل إلى مرحلة يعتقد فيها أنه يستحق هذا المنصب عن جدارة، وإذا وصل لهذه الدرجة فإنه يصل لمرحلة تتراجع فيها إمكانياته وقدراته، لذلك يجب عليه وقتها أن يحتفظ بأصدقائه الذين كانوا معه قبل المنصب، وأن يطلب منهم دائما النصح و الإرشاد حتى لا يصاب بما يسمى بالتصلب الفكرى، وهى المرحلة التى يصنف فيها الناس التي تنتقده كأغبياء وخونة وينفرد برأيه ويؤمن بأنه الوحيد القادر على الفهم والسيطرة واتخاذ القرار.
المحبوبة والمقبولة والمكروهة
أما الدكتور وائل أبو هندي ،أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق، فهو يرى أن التأثير الذي يحدث عند التحول من زوجة رجل عادي إلى زوجة رئيس دولة يعتمد على عدة أشياء أهمها سمات الشخصية السابقة لها كامرأة، وهل هي تحب الظهور أم لا؟ من النوع الاجتماعي أم المنطوي؟ القنوع أم الطماع؟ مدى شعورها بالتحقق؟ ومدى طموحها للتحقق؟ هل لها علاقات بأجانب أم لا وما هي نظرتها إلى شعب بلدها؟
وكذلك شخصية الزوج أو الرئيس ومدى اهتمامه بآراء الناس في الشارع وآراء الحلفاء والأصدقاء في الدول الأخرى، والمناخ العام للدولة والثقافة السائدة .
وعن علاقة المصريين بسيدات مصر الأوليات يشرح: معظم المصريين لم يعرفوا زوجة الرئيس جمال عبد الناصر لأنه كان رجلا صعيديا، ولم تكن لا شخصيته ولا شخصية زوجته ولا مناخ مصر يسمح لها بأنشطة كالتي مارستها جيهان السادات أو سوزان مبارك.
فقد كانت السيدة تحية مصرية خالصة مثلها مثل الكثيرات من الأمهات المصريات، لذلك فإن زوجها استعان بها عند زيارة المناضلة جميلة بوحريد الجزائرية للبلاد وليس عند زيارة جيفارا على سبيل المثال، وبالتالي فإن السيدة تحية لم تحاول إفراد شخصية خاصة منفصلة عن زوجها وكان كافيا لها أنها زوجة هذا الرجل.
أما جيهان السادات فكانت شخصية نشيطة اجتماعيا منذ أيام دراستها الجامعية، فلم تكن من النوع الذي يمكن ألا يكون له نشاط اجتماعي حتى لو لم تكن أصبحت زوجة للرئيس، كما أن المناخ الثقافي والسياسي في مصر وقتها كان يسمح لها بأن تتحرك على المستوى الاجتماعي والدولي.
ويتابع: كانت أغلب مشروعات جيهان السادات نابعة من احتياج مصري حقيقي لأنها كانت صاحبة فكر، وما صدم المصريون كان خروجها لاستقبال الزعماء إلى جوار السادات، وبالتعود تقبل الناس أنه بروتوكول لكنهم لم يتقبلوا أبدا قبلة كارتر لها، وأكثر ما ضايقهم منها وأضاع شعبيتها لديهم أنها أخذت لقب سيدة مصر من الراحلة أم كلثوم.
أما شخصية سوزان مبارك ،والكلام مازال على لسانه، يوضح أبو هندي أنها لم يكن لها أي اهتمامات عامة قبل أن يفاجأ زوجها بأنه أصبح رئيسا لمصر ! ... يقول: منذ اللحظات الأولى لتحركاتها وأنشطتها الاجتماعية اتسمت تلك التحركات بأن أحاطها المنافقون والانتهازيون واللصوص، ومن العجيب أنها قربت هؤلاء اللصوص منها وجعلتهم من خاصتها، وجاءت معظم مشاريعها تنفيذا لأجندات غربية بشكل لا يخفى على أحد، وكانت تمارس نفوذها على كل الجهات التشريعية والتنفيذية حتى الأزهر ودار الإفتاء.
ومنتقدا للدور الذي لعبته يتهمها بأن أنشطتها السوزانية تعدت ما هو منتظر من زوجة الرئيس، فلم تقتصر على المشروعات الخيرية أو الثقافية أو حتى الاجتماعية وإنما امتدت لكل أوجه الأنشطة في الدولة، وفاحت رائحة الفساد منذ وقت مبكر حتى أصبحت المشروعات تقام بغرض النهب لا لشيء آخر! مضيفا أن مشكلتها تقترب جدا من مشكلة مبارك وهي نظرتها للمصريين باعتبارهم دون المستوى الإنساني وباعتبارهم عبئا وحملا على النظام.
منظومة الرئاسة
ويؤكد د.عمرو أبو خليل ،مدير مركز الاستشارات النفسية والاجتماعية، أنه فى أى بلد يكون هناك منظومة تتعامل من خلالها السيدة الاولى كأى مواطن كما يحدث فى بريطانيا والولايات المتحدة، ولكن فى إطار ماكان يحدث في مصر في عهد مبارك من نفاق وكذب أحاط بشخصية الحاكم فقد انتقل إلي السيدة الأولى الشعور بالكبر ووصل الأمر إلى التدخل فى شئون الدولة.
ويتفق الدكتور عمرو أبو خليل مع الاستاذة نجلاء محفوظ فى أن آخر خمس سنوات فى حياة سوزان أظهرت مدى تسلطها وتدخلها فى شئون الدولة، مضيفا أن المشروعات التى ارتبط اسمها باسم سوزان فقط جاء تأثيرها عكسيا لأنها ليست مشروعات حقيقية ولم تلب احتياجات المواطنين مثل مشروع القراءة للجميع الذي جاء في الوقت الذي لم يكن الطالب فى المدرسة يجد المأكل أو المشرب، وفي المقابل نجد الشيخة موزة فى قطر كل مشروعاتها حقيقية سواء التى تخدم الاسرة أوتدعم الراغبين فى الزواج.
ومخالفا لرأي نجلاء محفوظ يعرب أبو خليل عن أمله فى أن تكتفي سيدة مصر الأولى القادمة بدور زوجة الرئيس فقط ولا تتدخل فى شئون الدولة، وتعيش حياة طبيعية مستشهدا بزوجة أوباما التي لم تحضر معه فى زيارته
0 التعليقات:
إرسال تعليق