لكن بعد الزواج أيضًا لم يوافق الشقيق على الزواج، فقد كانت تقاليد العائلة أه لها الحق في أن ترفض من لا تريده، ولكن ليس لها الحق في أن تتزوج من تريده، وكانت في قرارة نفسها تريد أن تتزوج اليوزباشي جمال عبد الناصر.
بعد شهور قليلة تُوفيت والدة تحية، فأصبحت تعيش مع أخيها، الذي تولى إدارة ما تركه الوالد الذي كان على جانب من الثراء، وكان شقيقها مثقفًا إذ كان من خريجي كلية التجارة، ويعمل في التجارة والأعمال المالية والصفقات في البورصة، وكان شديدًا في البيت، محافظًا لأقصى درجة، لكنه كان كعادة المصريين له حياته الخاصة التي لا يعرف أحد عنها شيئًا.
مكثت تحية مع شقيقها بضعة شهور، وحيدة تزورها شقيقاتها، وفي يوم زارتها شقيقتها وقالت لها: "إن عم اليوزباشي جمال عبد الناصر وزوجته زاروهم وسألا عنك"، وقالا لها: "إن يجمال يريد الزواج من تحية.
حال منزل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر
كان التاريخ الذي لم تنسه تحية عبد الناصر هو 14 يناير 1944، في هذا اليوم قابل جمال شقيقها، وتم تحديد موعد الخطوبة، ولبس الدبل والمهر، وكل مقدمات الزواج بعد أسبوع، كان هذا الحديث بعد أن جلست تحية في الصالون فترة وخرجت.
وفي يوم 21 يناير سنة 1944، أقام شقيقها حفلة عشاء دعا فيها أقارب العائلة، وحضر والد عبد الناصر وعمه وزوجته، وألبسها الدبلة، وقال لها إنه كتب عليها التاريخ يوم 14 يناير، وكان يقصد أول يوم أتى لزيارتها، ثم أضاف أنه عندما زارها لم يحضر لرؤية هل تعجبه أم لا، كما كانت العادة في هذه الأيام، وكان هذا ما فهمته تحية من جمال.
قرر شقيقها أن يكون عقد القران يوم الزفاف بعد إعداد المسكن، وأن يحضر جمال لزيارتها يومًا واحدًا في الأسبوع بحضور شقيقتها الكبرى، أو بحضوره هو، ولأن حضور شقيقها في البيت كان قليلاً جدًّا، فكانت الشقيقة الكبرى تحضر قبل وصوله مباشرة، وتقبَّل جمال كل شروط الشقيق الأكبر لتحية، ولما أبدى رغبته في الخروج معها بصحبة شقيقتها وزوجها، لم يمانع شقيقها.
لاحظت تحية أن جمال عبد الناصر لا يحب الخروج لمجرد الخروج، فهو لم يكن يذهب ليجلس في مكان أو يتمشى في شارع بعينه، ولكنه كان يفضل السينما وأحيانًا المسرح، واصطحبها مرة إلى مسرح الريحاني، ولأنها لم تكن قد رأت شيئًا كثيرًا، فقد كان كل شيء بالنسبة لها جديدًا.
بعد خمسة شهور ونصف، وفي يوم 29 يونيو سنة 1944 أقام عبد الناصر حفل زفافه على تحية، وبعد عقد القران مباشرة خرجت مع جمال عبد الناصر للمصوِّر أرمان، وكان جمال قد حجز الميعاد من قبل، وكانت أول مرة تخرج معه دون شقيقتها وزوجها، ملأ لها العربة بأكاليل الورد لتظهر في الصورة.
رجعا إلى بيت شقيقها في الواحدة والنصف صباحًا، وبعد أن انصرف المدعوون وانتهى حفل الزفاف، وكانا جالسين في الصالون، دخل شقيقها ونظر في ساعته، وقال لهما: "الساعة الآن الواحدة فلتبقوا ساعة أخرى أي حتى الساعة الثانية".
كان الأقارب جميعًا قد انصرفوا، وكان شقيق تحية متأثرًا للغاية، فقال له جمال: "سنبقى معك حتى تقول لنا روحوا"، وفي الساعة الثانية صباحًا قام شقيق تحية وبكى، وسلم على تحية وقبلها وقال لهما: اذهبا الآن.
لم ينس جمال عبد الناصر ما فعله شقيق تحية معه، فقد جعله يمتثل لكل ما قاله وطلبه، وتذكر تحية أنها كانت جالسة مع جمال وأولادهما على السفرة يتناولون الغداء، وفوجئت بعبد الناصر يقول لأولاده متذكرًا شقيقة زوجته: "الوحيد في العالم الذي أملى عليَّ شروطًا وقبلتها كان عبد الحميد كاظم".
انتقلت تحية عبد الناصر إلى منزل الزوجية، لم تكن قد رأت المسكن من قبل ولا الفرش ولا الجهاز، كان المسكن في بيت بالدور الثالث، صعدت السلالم معه حتى الدور الثاني، ثم حملها إلى الدور الثالث، حيث المسكن، وكان طابقًا بأكمله، وله ثلاثة أبواب، باب على اليمين، وباب على اليسار، وباب على الصالة، الأول يوصل لحجرة السفرة، والثاني لحجرة الجلوس، والثالث وهو باب الصالة في الوسط.
وجدت تحية البيت كله مضاءً، مكونًا من خمس غرف، أمسك جمال بيدها، وأدخلها كل حجرات المنزل لتتفرج عليها، وقد عجبها فيه كل شيء، وكانت في غاية السعادة، وصرفت في تأسيس منزلها مما ورثته من أبيها، وبدأت حياتها بسعادة مع زوجها الحبيب، كانت تعيش ببساطة بمرتب جمال، وتركت أخيها وثراءه ولم تفتقد أي شيء حتى التليفون نسيته، ولم تشعر أن هناك شيئًا ناقصًا.
أول مرة خرجت فيها تحية من بيتها، كانت بعد زواجها بثلاثة أيام، وكانت إلى المصور أرمان لترى بروفة الصور، وكانت صورتين، قال لها جمال: اختاري التي تعجبك، واختارت الصورة المعلقة في صالون منشية البكري مع صورة أولادها.
تزوج عبد الناصر تحية زواج صالونات إذن، لم تجمع بينهما قصة حب، مجرد حكاية تقليدية تحدث في كل مكان وفي كل وقت، وهي حكايات في الغالب تنجح، لكن هل عاش جمال عبد الناصر حياته قبل أن يتزوج تحية دون قصة حب؟
الإجابة عند شفيق أحمد علي الذي أحدث دويًّا بكتابه الشهير "المرأة التي أحبها عبد الناصر".
يقول شفيق: "لم نقرأ في أي صحيفة اسم زوجة عبد الناصر – حتى بعد وفاته – مجردًا من أي صفة، قرأناه دائمًا مرصعًا بصفة السيدة الجليلة، وقرأناه أيضًا مقترنًا بما يقطع بأنها المرأة الوحيدة التي أحبها وتمناها عبد الناصر طوال حياته، أما أنها سيدة جليلة، فهذا بالقطع أكيد، وأما أنها المرأة الوحيدة التي عرفها وأحبها طوال حياته فهذا بالضبط غير صحيح".
ومن لا يصدق يفتح جريدة الأهرام الصادرة في 17 مايو سنة 1970 على صفحة الوفيات، إن كان يهمه أن يعرف اسم أول امرأة خفق لها قلب عبد الناصر، وإن كنت أثق – الكلام لا يزال لشفيق أحمد علي – في أنكم ستوافقونني على عدم ذكر اسمها الحقيقي في هذه السطور، خصوصًا أنها رحلت عن دنيانا.
شيعت جنازة هذه السيدة في تمام الحادية عشرة من صباح 17 مايو 1970، شيعت ولم تذكر صفحة وفيات الأهرام، ما ذكره المستشار حسن النشَّار (زميل عبد الناصر في الدراسة والذي عرف القصة كلها من ناصر مباشرة) مؤكدًا بأن عبد الناصر وضع يومها على عينيه نظارة سوداء، وأسدل ستائر سيارته من كل جانب، وسار بها وحده، بضعة أمتار خلف الجنازة دون حراسة، ودون أن يشعر به أحد.
في 28 مايو 1939 كتب عبد الناصر بخط بيده في رسالة إلى حسن النشَّار، أنه أحب سين هانم، ويتمنى لو يتزوجها، وأنه كان ينتظرها أمام سينما فيكتوريا ليمتع نظره برؤيتها كل أيام الأسبوع، فيما عدا يومي السبت والثلاثاء.
لا تهمني كثيرًا هنا تفاصيل قصة الحب التي حققها شفيق أحمد علي في كتابه الجريء، ومن يرغب في معرفة المزيد فليرجع إليه، لكن يهمني أن تحية لم تكن المرأة الأولى في حياة عبد الناصر، بحثت في مذكرات تحية عن أي ظلال لهذه المرأة، لكني لم أجد، وكأني بعبد الناصر يخفي قصته في قلبه، فلم يطلع عليها أحدًا، أي أحد.
كانت تحية في بيتها زوجة مصرية كما يريدها زوجها تمامًا، تقول إنهما: "كانا كأي زوجين نخرج ونستقبل الزوار، وأغلبهم من الأقارب يحضرون للتهنئة، ولاحظت أنه يفضل السينما، وأنا أفضلها".
كان جمال يخرج مع زوجته تحية يومًا واحدًا في الأسبوع، وكان الخروج غالبًا إلى السينما، وكان الموسم يبدأ بالأفلام الجديدة في سينما مترو، وريفولي وغيرهما، فكان جمال يحجز التذاكر من قبل ليختار المكان الذي يفضله، ويطلب منها أن تكون جاهزة للخروج في الوقت الذي يحدده، وذلك دون أن تطلب منه الخروج أصلاً معه، بل كان هو نفسه الذي يرتب يوم الخروج.
بعد أن عاد جمال من حرب فلسطين انتقل بزوجته وبنتيه – هدى ومنى – إلى بيت جديد في كوبري القبة، قال لتحية: قابلت ضابطًا أعرفه رتبته كبيرة يملك فيلا في كوبري القبة، وبنى دورين جديدين فوق الدور الأول، والدور الثاني فاضي، ففكرت نعزل ونسكن في كوبري القبة.
جمال عبد الناصر يلعب كرة قدم بالألوان
رحبت تحية بالانتقال إلى البيت الجديد، لم يطلب منها ناصر أن تذهب إلى رؤية البيت الجديد، لكنه ذهب بمفرده مع الضابط ورأى المسكن، ولما عاد قال لها: إنه لا بأس به فلتذهبي معي وتشوفيه، وكان الرد الطبيعي من تحية (لكنه قد يكون غير طبيعيًّا بالنسبة لأي امرأة): مش ضروري أشوفه ما دام عجبك، فلنعزل، وكوبري القبة مكان هادئ والدور التاني سلالمه سهلة، وكانت مقتنعة أنه أحسن من البيت الذي تسكنه.
عندما رأت تحية عبد الناصر بيتها الجديد، أعجبها وفرحت به جدًّا، كان المبنى عبارة عن البدروم، ثم الدور الأول، والثاني مسكنهم، ودور ثالث، ونفس نظام الأبواب الثلاثة كالبيت الأول مع اختلاف، إذ لا يوجد باب يوصل لحجرة السفرة، كالبيت الأول، فالباب الثالث على الشمال يوصل لمدخل صغير للمطبخ.
كان المسكن مكونًا من خمس حجرات منظمة، حجرة السفرة ملحقة بحجرة الصالون دون باب ولها باب على الصالة، والحجرتان تطلان على الشارع، الصالون به فراندة مستديرة على ناصية البيت تطل على الشارع العمومي، شارع مصر الجديدة، ومن خلاله يمكن رؤية الباص والتروماي والكوبري الذي يمر تحته المترو أمام المستشفى العسكري في ذلك الوقت، وهي الآن الكلية الفنية العسكرية.
حجرة المكتب كانت ملحقة بالصالة دون باب أيضًا، وبها فراندة وشباك في مواجهة الصالة، يطل على حديقة المنزل الذي يلي المنزل مباشرة، وفي الناحية الأخرى حجرتان للنوم.
النقلة الثالثة في حياة تحية كانت إلى بيت منشية البكري، وهو البيت الذي انتقلت إليه في أكتوبر 1952، وظلت فيه حتى ماتت، قال لها جمال: سننتقل من منزلنا إذ أصبح لا يناسبنا الآن السكن مع ناس آخرين في منزل واحد، وقال: يوجد بيتان، واحد كبير مكون من دورين، وبه عشر حجرات وفي قشلاق العباسية، وآخر في منشية البكري، بيت صغير به خمس حجرات.
سألته تحية: وهل هو قريب من شارع مصر الجديدة؟ قال: نعم، فقالت له: أفضل البيت القريب من الشارع العمومي، ولا أسكن البيت الكبير الذي في قشلاق العباسية، فوافق، وقال لها: اختاري الذي يعجبك، وجهزي نفسك للانتقال وأنا مشغول، ويمكنك العزال، وتخبرينني بالوقت الذي ستُنقل فيه مفروشات البيت الجديد.
نفذت تحية كل ما طلبه منها جمال، وانتقلت إلى بيت منشية البكري في 20 أكتوبر 1952، وكانت هذه أول مرة ترى فيه البيت كالبيتين السابقين، وفي المساء وعندما عاد جمال سألها: هل أعجبك البيت، فقالت: لم يعجبني، فرد قائلاً: إنك ستعتادين عليه.
واعتادت تحية على البيت فعلاً، قد كان هذا هو البيت الذي عاشت فيه، ومارست فيه أمومتها، وحميمية العلاقة بينها وبين جمال، استمعت فيه إلى ما كان يريد جمال أن يقوله فقط، لا ما تريد أن تعرفه هي، فهي لم تكن تسأله عن شيء، تكتفي فقط بأن تنصت لما يقوله، دون أن تطلب منه المزيد.
المجاهدة الجزائرية جميلة بو حيرد وجمال عبدالناصر
كان عبد الناصر يحجب عن تحية كل شيء، حتى أنه حجب عنها خبر وفاة شقيقها الأكبر، وقد نفهم ذلك أنها كانت في فترة ولادتها لابنها خالد. تقول هي عن ذلك: "مكثت في المستشفى حتى يوم 4 يناير سنة 1950، وكان جمال يزورني كل يوم كما هي عادته في المساء، وكانت هدى ومنى عند شقيقتي مدة وجودي في المستشفي، وفي اليوم التالي أحضرتهما لي شقيقتي ليريا البيبي، وبعد ذلك لم يزرني أحد من إخوتي، فكنت أفكر: إنهم لم يزوروني كعادتهم كل يوم، ولم يحضر أخي لزيارتي كعادته، ربما لبرودة الجو وكان ممطرًا".
بعد رجوع تحية إلى البيت، وفي اليوم التالي مباشرة، عاد جمال من عمله، وقال لها إنه معزوم على الغداء، وطلب منها أن تتغدى مع هدى ومنى، وحياها وخرج، فلم يعجبها وقت العزومة، وقالت في نفسها: من هذا الذي دعاه على الغداء وقد حضرت أمس فقط من المستشفى، وكانت تحب أن تتناول الغداء معه في أول يوم لها في البيت بعد الولادة.
تكمل تحية حكايتها، تقول: "رجع جمال في المساء، وكان الوقت قبل ميعاد تناولنا العشاء، وقال: أريد أن آكل حاجة خفيفة، فقمت وأحضرت له جبنة، وقلت في نفسى: إنه لا يحب إلا أكل البيت، ولم يأكل في العزومة، وأكل قليلاً وقام ودخل حجرة النوم، وقال: إني أشعر بصداع وتعب، وفي اليوم التالي كان الخميس موعد حفل أم كلثوم أول الشهر، في المساء خرج ورجع مبكرًا، وبعد تناولنا العشاء قال لي: إني متعب وسأنام ولتسمعي أنت أم كلثوم، فقلت له سأنام وأفضل ألا أسهر في خلال الأسبوع الأول من رجوعي من المستشفى".
مضت اثنا عشر يوما على رجوع تحية من المستشفى دون أن تزورها شقيقاتها، وفي يوم كانت تستريح مع جمال بعد الغداء في الحجرة، فقالت له: لم يحضر أحد من إخوتي وكان الوقت ممطرًا، لكن هذا لا يمنع أن يزوروني، فرد جمال، وقال: إن أخوك عبد الحميد تعبان جدًّا، وكان قد أصيب بأنفلونزا ورئته لا تتحمل واشتد عليه المرض.
تلتقط تحية الخيط من جمال، تقول: "قمت مسرعة، وقلت: فلأذهب لزيارته حالاً، وبدأت أستعد للخروج فقال لي جمال: إنك تعلمين أن كل واحد يعيش ما كتبه له الله من العمر، فقلت على الفور: يعني معناها إنه مات؟ فقال: نعم. من تاني يوم رجوعك من المستشفى، وقد أخبروني في الصباح، وذهبت هناك إلى منزله ومكثت طول اليوم، فعرفت أنه لم يكن في عزومة وأنه رجع البيت، حتى لا ألاحظ شيئًا وأتناول غدائي، كان وقع الخبر عليَّ شديدًا وبكيت كثيرًا، وعلمت أنه شدَّد على عسكري المراسلة أن يخبر الزوار الذين يحضرون لتعزيتي بأني لا أعلم بوفاة شقيقي".
تذكرت تحية أن عبد الناصر خلال هذه الأيام لم يفتح الراديو أبدًا، وكانت هي التي تفتحه وتسمع الموسيقى، واستعرضت كل ما دار بينهما وبدأت تفهمه، أخفى عبد الناصر الجرائد حتى لا تقرأ تحية الخبر، كانت مشغولة بخالد، لكنها أشارت في مذكراتها: "لم يترك أخي شيئًا من ثروته الكبيرة، إذ ضاعت كلها في المضاربات في البورصة، وتقلبات الأسعار في الفترة التي تلت انتهاء الحرب".
أقول إنه يمكن أن نلتمس لجمال العذر في إخفاء خبر وفاة شقيق تحية عنها، لكن جمال كان يخفي ما هو أكثر، والحادثة وقعت بعد الثورة، تقول تحية: "الوقت سنة 1953 شهر مايو، كان جمال يشعر بألم في بطنه، لم أعلم به إلا بعد مدة، لعدم وجوده في البيت أغلب الوقت، في يوم قبل خروجه في الصباح قال لي: سأحضر على الغداء وأريد أكلاً خفيفًا من الخضار المسلوق، لأني أشعر بألم في بسيط في بطني، جهزت الأكل كطلبه وحان وقت الغداء ولم يحضر، وبعد أن انتظرته تناولت الغداء، وقلت إنه مشغول ولم يجد وقتًا للحضور، حضر عبد الحكيم عامر وطلب مقابلتي، وقال لي: جمال الحمد لله بخير وفاق من البنج، بعد إجراء عملية المصران الأعور له، ويسأل عنك ويريدك أن تذهبي له في المستشفى الآن".
اندهشت تحية – كما تقول – وقال لعبد الحكيم: كيف أجريت له عملية ولم يقل لي، وتقول تحية: "ذهبت إليه في مستشفى الدكتور مظهر عاشور الضابط بالجيش، قلت له: كيف تجري عملية ولم أعرف؟ قال: لم أرد أن أزعجك، وقال: بعد أن خرجت من البيت في الصباح حضرت للمستشفى ومعي عبد الحكيم، وكنت مرتبًا من أمس الحضور للمستشفى وإجراء العملية، وحتى لا تعلمي بشيء قلت لك جهزي الغداء، وابتسم وقال: الحمد لله يا تحية".
كانت هذه المرأة قوية بما يكفي، إذ يأتيها من يخبرها بأن زوجها أجرى عملية جراحية دون أن تعلم وأنه أفاق، ثم تذهب لزيارته وكأنها غريبة عنه. قد تكون قوية، وقد تكون فقط تحية التي عرفت دورها في حياة عبد الناصر فالتزمت به
0 التعليقات:
إرسال تعليق