وانتهى الأمر، وسقط النظام بجدارة ملتحقا به كل ارتفاعات الخوف والفساد والتردي المريع ،نجحت الثورة رغم اندساس فوضى الدهماء وكل صاحب هوى ومكر وضيع . انتهى فقط السطر الأول في حكاية شعب ولد لتوه يتصدي ملاحقا دون تراجع كل مواطن الكذب وبؤر الأفاعي الناعمة بينما على رصيف شارعي راحت بجوار تألق إشراق المستقبل- تتهاطل وتتناثر الخيبات واحدة تلو الأخرى ،وفى جعبة متواضعة رحت اعد بعضا منها
أول خيبة : مابين التوقعات والتكهنات والمخاوف والحرص على مستقبل أفضل ، يتصدر جل المخاوف في هذا الكم من التكالب المتشابك وتصاعد المصالح المتأنية وتعدد الأهداف غير مفصوحا عنها وصولا للتفرد في اشتمال الموقف .والسؤال هل تهنا وبتنا بمنأي عن الشارع المصري الآن ..؟ بينما يطفو على السطح شبح العزلة أو الهجرة الخارجية ومخاطر الالتزام بعهود خارجية ..!!
ثاني خيبة : حيث تنكشف الخيبة في إعلامنا المصري الذي لم تخرج ثقافته عن حدود ثقافة الرقص على حبل المهادنة ،هي ثقافة الجبن و عدم الأمانة ، حيث لا فكر، لا رؤيا لا لغة لا موضوع لا موقف واضح وأخيرا لا مصداقية ، وهو الأمر الذي كان واضحا حتى لبسطاء الفهم ما أثار اشمئزاز المشاهد ، واسأل ما كل هذا الارتباك والتأرجح وعدم الإخلاص منذ بداية الثورة وحتى تنحي الرئيس ليخرج أيضا علينا مؤخرا كل هؤلاء من الإعلاميين والفنانين والشخصيات العامة الذين لم نر وجوههم إلاّ بعد التنحي في موقف مغاير تماما بالهتاف والانضمام للفريق الآخر والشماتة وسرد المساوئ بإتقان وفرحة التشفي ، أين كانوا وأين موقفهم إذا منذ اندلاع الغضب الشبابي ليطالعوننا فجأة بابتهاج مغالى فيه جدا تعويضا عن صمت واختباء جرذاني بحجة ما عانوه قبلا كان من قبيل الكبت والقهر والتعسف بينما ما كلت محاولاتهم المضنية للتقرب من النظام الحاكم ، اغلب الظن كانوا في حالة من الترقب الحذر وإعادة الحسابات ولمن يكون الولاء مجددا حتى لو أودى الأمر إلى احتقار المشاهد لهم ،! وهذا ما حدث بالفعل .
ثالث خيبة - اطرحه تساؤلا .. كيف صار اختلاق الانقسام مابين مؤيد ومعارض ، وقائمة بيضاء وأخرى سوداء لينقسم الشارع المصري ألآن إلى فريقين ،مع وضد ،واسأل مع من ؟ وضد من ؟ ليصبح كلا منهما مخيفا ومريبا للآخر ، الم نكن في اشد الحاجة إلى ثورة مدوية لنحطم كل مستحيل وهمي ونصرخها " كفانا مرارة وجهل وغباء لازم نعيش بني ادمين " بينما الاختلاف أراه يكمن في الاختيار مابين قبول تفويض السلطة أو التنحي وحتى لو رفض البعض الثورة في حد ذاتها هذا لا يعيب على الإطلاق فلكل حقه في التعبير عن رأيه بل ويدافع عنه بصدق دونما أهداف ملتوية ، وبينما كنت أفضله خيار التفويض لمجتمع قوامه 85 مليون تفاديا لأية احتمالات مثقوبة تمهد إثارة المخاوف من قبل تيارات دينية متشددة أو انتماءات حزبية بعينها وخشية التشتت المتضارب للمصالح الشخصية في وقت يعد في غاية الدقة الآن . لكن تبقى إرادة الشعب هي محك الاختيار الأفضل وعنده يتحتم شحذ كل الطاقات والجهود للبناء العلماني لمستقبل الوطن ، لكن من المعيب حقا والمخجل هو العرج المبهم بين الخيارين، ، ولنطرح افتراضا- ماذا لو أعلن الآن عن عودة الرئيس مبارك للحكم مدة ساعة واحدة فقط ..؟!! اترك التكهن لك عزيزي القارئ ....
إلى المتلونين : "مللناكم جدا وسقط احترامنا لكم ، مللنا استخفافكم بعقل ومعاناة الشارع الذي افتضح أمامه روآكم وهشاشة ثقافتكم وتملقكم المراهق .. انتم أولى بالتنحي أبدا وغير مأسوف عليكم ...خلاااااص تعبنا جدا و كفانا خيبات"
*رابع خيبة :ليس من مناص من محاكمة شديدة الحزم و دون ادني رأفة وبشكل خاص لكل من وزارتي الإعلام والثقافة والتربية والتعليم لما قدموه طيلة السنوات الطويلة من تغيب للعقل وانمحاء الوعي وتعزيز للفكر السلفي والثقافة السطحية والمتردية لتواكب جهل الخطاب الديني القاصر فضلا عن تعليم ساذج ومشوه ، تاريخ مزيف ،فن هابط ما أودى إلى حالة من انحدار في السلوك والأخلاقيات والذوق العام وتفشي قيم اللامبالاة والعداء واليأس الذر يع ضاعت معه كل قيم الجمال والإبداع والمعرفة والارتقاء - لذا استقرت الأمية جدا وتربع الجهل بفجاجة على عرش المسؤولية ،وعـُزلت تماما الحكمة والفهم والانتماء ، ليس ثمة جريمة أعظم من تخريب الكيان الإنساني وسحق كل بادرة فكر مستنير وثقافة إنسانية راقية ، كم هي أخف وطأة سرقة الأموال الطائلة عن سلب الشعب كيانه وحياته ووجوده كله .
*خامس خيبة : ما مصير هذا الكم المخيف من الصور الخاصة بالرئيس التي بأحجامها المتملقة تصدرت كل ارتفاع ومدخل مدينة ورأس حي ، وأطلق على الكثير من المؤسسات والمدارس والشوارع والجوائز والمكتبات اسم مبارك أو اسم سوزان مبارك ، ما عساه يكون الأمر الآن ، هل سيبقى الوضع على ما هو عليه ...؟! اغلب الظن لا.. بل ستذهب جميعها محترقة إلى الجحيم ، إذا متى ننتبه ونتعلم ونتخلص من ثقافة التملق والمهادنة( مسح جوخ ) لنطلق بكل اندفاع عشوائي على كل الأمكنة الممكنة أسماء لرموز سياسية على وجه التحديد لمجرد التملق فقط ..ربما ننول الرضا...!
لقطات
أول لقطة : اعتبره من أبدع الجـُمعات هي جمعة التطهير -تلك التي خرجت هادرة تطالب بشراسة بكنس الوطن بالكلية من كل ما تبقى من تلوث و فساد ورياء وخبث ووجوه عفت نفوسنا عن رؤياها لسنوات عجاف لينضم اليها أيضا كافة المحافظين والقائمين بالمجالس المحلية ومجالس المدينة بالبلاد والكثير الكثير من هذا القبيل
ثاني لقطة : الفترة الراهنة في مصر أشبة بفترة النقاهة بعد جراحة استئصاليه خطيرة إذ هي في غاية الحساسية ، مرحلة الاستعادة و إعادة البناء والتي إن لم تبنى على بنية ثقافية وفكرية راسخة الوضوح و الاستنارة - خالصة نقية عن أية انتماءات دينية ، حزبية ،.....، سنتعثر كثيرا جدا وسيصبح الوضع لعبة بين أيدي كل أصحاب النوايا الخربة
ثالث نقطة: وألان بات من الحتمي والضروري الآن دخول النخب المتميزة من الأقباط بثقل في المجتمع - وتقلدهم من المناصب المهمة والحساسة في الدولة الأمر الذي سيحقق معه حتما توازنا اجتماعيا ونفسيا في المجتمع وتلاحما فعليا يصد بشراسة أيه محاولة لاختراق الوطن وتهديد أمنه
ومابين الخيبات والنقاط وكثرة الرؤى المختلفة نرى العديد من توقعات ومفاجآت كثيرة مرهونة بالأيام القادمة - لذا بات لك عزيزي القارئ أن تضيف حر رؤيتك واستنباطك الحدسي للمشهد برمته ،
*- وليس آخرا تري ماذا ستسفر عنه الفترة القادمة ..؟ مجرد سؤال ربما غدا نلحقه بسؤال
0 التعليقات:
إرسال تعليق