skip to main | skip to sidebar

واحة المبدعين

الموقع الرسمى للشاعرة فاطمة الزهراء فلا

مظاهرة الحرنكش....بقلم ماجده سيدهم

الأربعاء، 26 يناير 2011

بالأمس صادف وجودي بالقرب من إحدى المظاهرات المحكي عنها والتي تراكمت أخبارها طيلة الأيام الماضية ،وبينما تركت في نفوس البعض الكثير من الخوف والتوجس والحيطة نجده ما بلغ الاهتمام الأغلبية ، كعادتي رحت أتوغل بين كتل الزحام ،هذا يستهويني جدا ،الانزلاق بين الناس ،الالتحام بملامح التعب ورائحة الكد وبساطة الحلم ،وأقصي الحلم أن يعود كل منهم بقروشه إلى بيته وأولاده سالما ، بدايه كانت الشوارع شبة خالية، اختارت الناس سكنى حالهم ، وأثناء سيري مع إحدى صديقاتي للتبضع بين أروقة بدايات تخفيضات الموسم – تردد على مسامعنا أن يركض الجميع ولتغلق لتوها المحلات فالمظاهرة قادمة مرورا من هذا الشارع التجاري والمكتظ بالمحلات والمارة وشاغلي الطريق لتمتد إلى الشوارع والروافد الأخرى ، ما وجدتها صديقتي..! ، ورغم أنها سلمية - سارع أصحاب المحلات بغلقها وهرول الباعة بعرباتهم المحملة بالشنط والإكسسوار الحريمي والشربات والأدوات المنزلية وملابس الأطفال والملابس الداخلية والكوفيات والطرح والمفارش الصيني ولعب الأطفال وحوائج العطارة وأشرطة الكاسيت والمزيد من بضائع العربات المتنقلة وكل حاجة "بتلاته ونص " يزجون بها في الشوارع الجانبية - وقع منها ما تكسر وتهشم – ليندس بعجلته بائع الفطير خلف ركام المبنى المتهالك ، بينما اندفع بائع الحرنكش بعربته يحتمي متخبطا محلا لبيع الذهب الذي يقف قبالته كي يلحقه قبل إسدال بابه الحديدي ، وما استطاع فلحق بما يجاوره، معرضا للملابس الحريمي - فهشم من زجاج فترينته ما دفع بصاحب المحل أن ينقض كهر أعمى ضاربا بمظاهرات الدنيا والمحتملة أيضا يوم الدين و يمسكه من ياقة جلبابه المتهرئ مهينا ما تبقى للمسكين من كرامة بينما يتوسله الأخير ليركض خلف حرنكشاته البرتقالية والتي تدحرجت بين صيحات المارة تختبر قامة الصياح ومتعة التمرد فمضغتها ساخرة أحذية الشرطة و المتظاهرين وسائر المهرولين والفضوليين ، وما فلت منها أكمل المسيرة - راح المتفرجون يصطفون الأرصفة يستقبلون مَقدم الهُتاف الحيوي والمثير- ليشاهدوا رؤيا العيان ما تخيلوه قبلا ،وما كتب عليهم في كتب التاريخ المبتور ، فمن أين لهم بمشاهدة مظاهرة تنديدية بغير الأفلام التاريخية –مرت المظاهرة والتي أثارت فضول بعض المارة أن يواكبوا سيرها شغفا وراء توقعات وتكهنات ما عساه يكون نهاية المطاف ..! وهناك آخر الرصيف ما أعرت للأمر اهتماما جموع الناس الملتفة حول محل الحلويات الشهير يتبادلون رغم الصقيع بسكويتات الأيس كريم وقطع الكنافة بالقشدة الظاهرة والمسيلة للعاب من أنهكه دربه بالكلية طيلة يوم وعمر شاق- يتكئ الرصيف العاري ، يتكور في تلا فيف زهده ليحتمي صقيع الغلاء وروماتيزم التعليم ومشقة البيئة وجهل الصحة ليجد نفسه منفصلا عن فئة يقال أنها النخبة أو الصفوة أو من يثرثرون عبر الشاشات نيابة عن عنه ( متوهمون أنهم خير من يحس بهم) ، يرقب الأمر عن كثب دون أيه تعليق أو حتى سؤال – جلس بسطاء الجمع الطيب- يفترش الحكايا والحواديت "بيقولوا ..، مش عارفين ، لا لا دا أكيد ،ناولني فطيرة من أم سكر وحياة أبوك ،وإحنا مالنا بالمظاهرات يخربيت أبوهم عاوزين نروح، العيال وحدهم في البيت ، طب يدونى 100 جنيه وأنا امشي في اجدعها مظاهرة ، حسنى كويس ، بس اللي حواليه شوية حرامية ولاد كلب وهرمة ، يعني هو مش عارف ..! تعالي بسرعة نرجع الخلاط دا ونجيب الثاني ارخص كتير ونجيب العـُبيان اللي شوفناها ( عـُبيان جمع عباءة ) ، هو فيه إيه يا ولاد – أنت منين يابا الحاج ، هايرخصو لك يابا اللحمة عشان تاكل والناس تاكل وتلظلظ وها تلبس كوتشي عشان تتنعم اكتر في بلاليع الخرابة ، هو الريس ماشي معاهم يا ولاد ، صباحك فل يابا ..ريس مين.. دا أنت اللي ريس "

ومازال خلف حباته الثائرة يركض على أربع ،يشبه العراه ،بعد أن جرده صاحب المحل المتضرر من ما تبقى له من عري وخيبة ، فشلت محاولات إنقاذ كريات الحرنكش، عب بعضا منها في كيس من البلاستك الأسود الممنوع ، افسحوا له المكان ،جلس بجانبهم على الرصيف يهذي ، يتابع دونما اهتمام دوران المشهد، سيارات النجدة تجر في أذيالها لسعة الإسعاف المثير للانتباه ، بينما جمهور المتفرجين يفوق جدا الأعداد المتظاهرة والتي بدأت تخبو بعض الشيء ، وزع حرنكشاته عليهم ، يواسونه ، ويسخرون من المشهد برمته " ماتزعلش حرنكشك قام بمظاهرة عظيمة ودخل التاريخ ، عشان نقول بلح زغلول وحرنكش .. اسمك ايه..؟ ، سعد ، ياسبحان الله وحرنكش سعد ، روق ياعم سعد "

شاطرهم من الفطير الساخن المحشو بالقشدة والصبر والنكات الساخرة بيقولك واحد دخل مظاهرة ماطلعش ، ليه ..؟ طلعت موزّاهرة ،ماتزعلش يا عم سعد إحنا عاوزينك تضحك ، الله يعوض عليك ، امال اعمل انا إيه ، جاي من آخر الدنيا ، داير بإبنى على الدكاترة وكوم روشتات وما حدش بيقول حاجة زى التاني " ، وسط هذا الضجيج سأل أحد الشباب الواقف " أنت بتحلم بأيه يا عم سعد ، ما بحلمش ، هم كانوا بيجروا ليه والمحلات بتقفل ليه ، أصل فيه مظاهرة ، يعني إيه ، ناس طالعة تصرخ وحريم تشد شعرها وتلطم ، على مين يابني هو حد مات ...؟، اه،الشعب مات من زمان فكرا يطلعوا يصوتوا عليه النهارده ويدفنوه بالمرة بعد ما عفن وبأت ريحته فرجة للي يسوا واللي ما يسواش ، فيه ايه يا بنى ما تفهمني ،أنت بتتسمخر منى دا أنا أد أبوك ، والمصحف أبدا يا عم سعد جزمتك على راسي، بس بنفضفض شوية ، شوف المظاهرة دى عشان بيطالبوا بحقوقنا و يحققوا أحلامنا ، بيقولوا كده بس دا مش صحيح ،وأنت يابني مش عندك أحلام زيهم ليه مش معاهم ..!، لا يابا الحاج أنا ما عنديش إي أمل خالص ، أنا باجرى على أمي واخويا الصغير وبشتغل قى محل السجاجيد دا واصحي اسب والعن العيشة كل طلعة صبح والحمد لله ، يابنى اشكر ربنا أنت أحسن من غيرك بكرة ربنا يكرمك ، بأولك مش نافعه يابا الحاج ،تجيبها كده تجيبها كده هي مطبلة ، الصبر حلو وبعدين ايه يمنع العيال دول يحققوا أحلامهم من غير زيطة هو حد حايشهم ، ايوه الحكومة ، وهي الحكومة مالها ومالهم ، قصدك مالها ومالنا يابا الحاج ، يا ريت الحكومة تسيبنا في حالنا وتخليها في حالها وكفاية اللي إحنا فيه" ،قالت مرات الحاج " ايوه يا بني لا إحنا بتوع مشاكل ولا حمل وجع القلب يادوب نربي العيال ونمشي جنب الحيط ، طب لما يهيصوا كده يعنى ها يرجعولى الحرنكش اللي انداس، ياعم سعد احنا عندنا حكومة مش تاكل الحرنكش..دي لاهفة لحمنا حي ،مسئولين عسل ، عددهم ما شاء الله
مرسلة بواسطة الشاعرة في 11:21 م إرسال بالبريد الإلكتروني كتابة مدونة حول هذه المشاركة ‏المشاركة على X ‏المشاركة في Facebook

0 التعليقات:

إرسال تعليق

رسالة أحدث رسالة أقدم الصفحة الرئيسية
الاشتراك في: تعليقات الرسالة (Atom)

Blog Archive

  • ◄  2014 (4)
    • ◄  يونيو (2)
    • ◄  مايو (2)
  • ◄  2013 (15)
    • ◄  نوفمبر (1)
    • ◄  مايو (6)
    • ◄  مارس (2)
    • ◄  يناير (6)
  • ◄  2012 (84)
    • ◄  ديسمبر (5)
    • ◄  نوفمبر (10)
    • ◄  يوليو (8)
    • ◄  يونيو (27)
    • ◄  أبريل (34)
  • ▼  2011 (17)
    • ◄  أكتوبر (1)
    • ◄  أغسطس (1)
    • ◄  مايو (5)
    • ◄  فبراير (4)
    • ▼  يناير (6)
      • مظاهرة الحرنكش....بقلم ماجده سيدهم
      • من ابداعات وليد محمود مكتبة مبارك العامة بالمنصورة
      • عذاباتُ الهوى !!....عبد الناصر الجوهري
      • حين تصمت شهرزاد
      • قصائد
      • مش عارفة ليه ؟
  • ◄  2010 (12)
    • ◄  ديسمبر (1)
    • ◄  نوفمبر (2)
    • ◄  سبتمبر (6)
    • ◄  أغسطس (3)

About Me

صورتي
الشاعرة
شاعرة مصرية / رئيس اتحاد كتاب مصر فرع الدقهلية ودمياط / عضو نادى أدب المنصورة / المسئول الإعلامى بأتيليه المنصورة /
عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي
 
Copyright © واحة المبدعين. All rights reserved.
Blogger templates created by Templates Block
Wordpress theme by Uno Design Studio