عاشق فوق العنان...بقلم /احمد الربيعى
الخميس، 27 ديسمبر 2012
ربما أنا عاشق علي استحياء
أنا من صحبني الحب كالزهر وان أمسيت يقسمنى العناء
أنقشها وفى أدنى البحار أرسيها
مرسلة بواسطة
الشاعرة
في
3:09 م
0
التعليقات
إرسال بالبريد الإلكتروني
كتابة مدونة حول هذه المشاركة
المشاركة على X
المشاركة في Facebook
الجمل والنخلة .....نادية كيلاني
قالوا: الجمل طلع النخلة، هذا الجمل وهذه النخلة
تحنجل أطفالُ القرية، وأنشدوا المثل التاريخي، (الجمل والنخلة)، لحَّنوه،وغنَّوه، ضاربين على دفوفهم، متجولين في الحواري والأزقَّة، وكل بيت في القرية يعرف القصة منذ بدايتها. وبدايتها كانت بالأمس القريب؛ فقد حدَث شيء غريب لَم يتوقعه أحد، وأوقف البلدة كلها في ذُهُول، وهم يشاهدون الجمل الصغير يفلتُ مِن يدِ صاحبه، ويسرع نحو النخْلة، ويتسلَّقها بحرفية وخفَّة ورشاقةَ مُدرَّب، ثم ينزل منها بالسهولة نفسها! حتى إن الجمَّال نفسَه ما كان يعرف أن في جَمَله هذه المهارة الفائقة.
دُهش في البداية، وطلب من الجمل أن يكرِّر الفعل، ففَعَل، فانقلبتْ دهشتُه إلى سرور غامر، وبسملة وحوْقَلة، ورقي الجملُ خوفًا من العُيُون المتَطَلِّعة في تطفُّل شديد. هذه الفِعْلة أنقذتِ الجمل من البيع في السوق غدًا، وأنقذت الجمَّال من الفقر الذي أنشب أظافره، فلم يعدْ لديه أمتعة ينقلها له الجمل، وفي كل بيتٍ تقريبًا نوعٌ من البهائم يستخدمها أصحابها في شؤونهم، فلم يعد لجمله فائدة نقل لا له ولغيره، وبالطبع لن يدخل به في سباق الهجن، كل هذا اضطره للتفكير الطويل قبل أن يقررَ بيع الجمل، فليس معقولاً أن يُبقى على جملٍ يأكل ويرعى من أجل بعض الصوف لعمل الطواقي!
من يومها والجمل والجمَّال في حالٍ منَ النَّشْوة، يرقدان في الظِّلِّ الوارف، وفى الشمس الدافئة، طوال اليوم.
وعند المغرب يجتمع نفر من أهل القرية يريدون أن يروا الجمل وهو يتسلَّق النخلة كالقط السيامي، فيشير لهم الجمَّال بالعصا التي اقتناها حديثًا أن يبتعدوا ويصنعوا حلقة منظمة بدقة وإلا...، فيفعلون صاغرين، وبالطبع هم يدفعون في مقابل هذا المشهد ما يفرضه عليهم الجمَّال.
وهؤلاء المتفرجون لا يدفعون ثمن المشهد فقط، ولكن أيضًا هم يتكفلون بثمن الجلباب الصوف الذي ابتاعه الجمَّال، وثمن تغيير بعض العادات بالنسبة له.
فبمرور الوقت سئِم الجمَّال هذه الحياة البدائية، فقرر أن يطورها.
أولاً: تغيَّر نوع الأكل الذي يتناوله الجمل، فلم يعد يتغذَّى كسائر الحيوانات العُشبيَّة على الحشائش، وأوراق الشجر، والنباتات الشوكيَّة، بل صار يأكل التفَّاح والموز، ويتناول الخبز الإفرنجي، وأنواعًا من التغذية الجيدة والمدروسة بمقادير أُنْشِئ لها مطبخٌ خاص، وعُيِّن لها الخبراء، و.. يشرب العصائر.
ليت الأمر وقف عند هذا الحد، بل أصبح يُفَكِّر في عمليَّة تجميل لرتْق شفته العليا المشقوقة، فما عاد في حاجة إليها الآن، وهي التي تساعد في تجميع الأشواك الجافة، ومضْغها بكفاءَة عالية كما كان.
ولَم يدفع المتفرجون ثمن إطعامه فقط، بل متعته وترفيهه، والعمل على تحسين أدائه؛ فطموح الجمَّال ليس له حد، فكر كيف يحافظ على الجمل من غدْر الأيام، وربما من المتفرجين أنفسهم، فاتخذ له تعريشة من أغصان، ثم صارتْ بيتًا من حجارة، ثم قصرًا منيفًا! ومد القصر بعين ماء زلال يمشي في مواسير، فهو غير سكان القرية الذين يشربون الماء الخام من النهر مباشرة.
ثم لاحظ أن الجمل يتعب بعد كلِّ عرْض يقوم به، فعَيَّنَ مَنْ يقوم بتدليك جسده وعمل (السَّوْنا) له؛ ليظل ليِّنًا قادرًا على مُهمَّتِه؛ ولهذا كله كان حمام البخار، وكان يومٌ للاستجمام. أما بقية الليل فيمضيه الجملُ في صُحبة الجمَّال، أو الجمَّال في معية الجمل، في تراس القصر أمام شاشة العرض التي يسجل عليها مغامرات الصباح بين الجمَل والمتفرجين، ومنها يعرفان مَن حمل نظرات حقدٍ للجمل، ومن ربَّت على ظهرِه في حُنُوٍّ، ويتبادلان أطراف الحديث، وهذا هو طقسهما اليومي قبل أن يخلدا للنوم العميق.
هناك شيء دائمًا يؤرق الجمَّال لا يفصح عنه، ترى لو صعد الجمل النخلة يومًا، ولم يستطعِ النزول، ماذا سيكون الحال؟
أهل القرية أيضًا لهم ما يؤرقهم، يدور الهمس فيما بينهم بأن هناك حديثًا غامضًا يدُور بين الجمَل والجمال نخشى منه على المستقبل، ويقسمون أن الجمل يردُّ على الجمّال بلغة لا يفهمها إلا الجمَّال نفسه، ويؤكدون أن الحوار الطويل الذي يجريه الجمَّال مع الجمل عبارة عن نصائح وتوعية، تضمن لهما الاستمرار في العيش الرغيد والمركز الأبهة الذي تولَّياه. فعلم الصوتيات أثبت أن الجمَّال يقول للجمل:
لا تُفَرِّط في حقٍّ من حقوقك أيها الجمل الشجاع.
لا تكثر الهزار والمزاح مع سفهاء القرية؛ حتى لا يتجرأ أحدهم ويلمس لك ساقًا أو ذيلاً، أو يتجرأ آخر بسبٍّ وقذف، أو يتذكر ثالث أيام بؤسك الطويلة فيعيرك به.
هذه الأسرار بين الجمل والجمَّال بثت القلق للبعض.
وإذا حاول أحدُهم أن يتسلق ليسمع ماذا يقول الجمَّال للجمل، هبَّ الجمل من فوره، ورفسه فأرداه بالقاضية؛ فله أذنان صغيرتان تسمعان دبَّة النملة، وله عينان كبيرتان تُبصران جيدًا في الليل والنهارعلى مداردائرة كاملة، أما أهدابه الكثيفة فبمثابة قرون استشعار يستطيع بها تحديد اتجاه التجسُّس.
ولذلك اضطر الجمَّال إلى بناء سور عالٍ حول القصر، وزَوَّدَه ببعض الحرَس المأجورين، وعاش الجمل في أمان في كنف الجمال يسمع ويخزن ويهز رأسه سمعًا وطاعة واستيعابًا، فكل ما يفعله من أجل صالحه وسعادته.
وذات مساء والجمل والجمّال في حالة من الاسترخاء والحوار، نظر الجمَّال إلى السماء، وقال: يا الله، كيف فاتني هذا الأمر؟!
وهبَّ واقفًا، فهب معه الجمل، وقد أدرك خطورة ما خطر على ذهنِ صاحبِهِ، ففتح عينيه عن آخرهما؛ دليل استعدادٍ لفهم.
قال الجمَّال:
التركة! هذه تركة مميزة لمن نتركها أنا وأنت أيها الجمل؟
لو مات أحدنا تسلق الرعاع إلى بيتِنا، وأخذوا مكانَنَا، فهناك مَن يتربص لذلك، يا جملي الجميل، ولهم حلم وأطماع فيما نحن فيه من صدارة، ونحن الاثنان بلا عائلة، هل تموت كلالةً وأنا مثلك، لا بد أن نتزوج أنا وأنت لينجب كل منَّا وريثًا.
تعلمت القرية كيف تقيم الاحتفالات وتقدم التبريكات.
احتفلت القرية كلها بعُرس الجمل والجمال، فالجملُ تخيَّروا له ناقة من أجود النِّياق، قوة وأصلاً، والجمال تزوَّج جميلة الجميلات، مِن أعرق العائلات.
ولأنَّ كلاًّ من العَرُوس والناقة تعرف دورها بالتمام والمهمة التي جاءتْ من أجلها، ولدتْ له الناقة بعد عام بالتمام -وهي واقفة- سليلاً جيدًا، طوله 90 سنتيمترًا، ووزنه 50 كيلو جرامًا، وأخذتْ تُرضعه، فلمَّا وقف على قدميه بعد ساعتين من ولادَتِه، هلَّل الجمَّال وكبَّر، فتجاوب معه أهلُ القرية، وباركوا للجمل، ودعوا له بطول العمر حتى يرى وريثه في مكانه.
أما العروس فقد سبقتها بثلاثة أشهرٍ، وضعتْ وليَّ العهد سليل المجد، وكان الجمَّال قد أجَّل الاحتفال بِمَوْلُودِه حتى تلد الناقة، وها هي قد ولدتْ ووجب الاحتفال، أقام الجمَّال احتفالاً للمناسبتَيْن.
وكما في كل احتفال يلتفُّ أهل القرية، في رقص وطرب ومرح، لكن هذه المرة كان بينهم متربِّص حاقدٌ أطلق عدة طلقات في الهواء وواحدة قصد بها عن عمْد رأس الجمل. الحزن الذي أصاب الجمَّال كاد يودي به، لولا الأمل الصغير الذي سيكبر ويحتاج رعاية، صارتْ مهمة الجمَّال مُضاعفة بين ابنه وابن الجمل، كان يرضعه الخبرات ويعيد عليه الوصايا، وينظر للسماء داعيًا الله أن يتحقق حلمه، ويمسك الجمل الصغير مكان الجمل الراحل، وحتى يكبر الابن الصغير ويأخذ مكان الأب.
ولكن رغم وجود الأمل ضاع الأمان، فمع كل أملٍ يظهر حاقدٌ، ولا نعرف وقتًا ظهورِه
مرسلة بواسطة
الشاعرة
في
1:50 م
0
التعليقات
إرسال بالبريد الإلكتروني
كتابة مدونة حول هذه المشاركة
المشاركة على X
المشاركة في Facebook
يموت بحسرته/ نبيل عودة
الصمت حول سرير سعيد كان ثقيلا. يدخلون ويخرجون بصمت.. "هس.. هس ، سعيد وضعه صعب" . من المتوقع ان يلفظ انفاسه الأخيرة . لم يعد له علاج ملائم في المستشقى، فقط الأدوية لتسكين الأوجاع حتى قرار الله بعبده سعيد.
لم يكن سعيد من الذين أسعدهم الله بحياة زوجية هادئة. تزوج وطلق ثلاث مرات، رزق باربعة صبيان من الزوجات الثلاث .. حتى اولاده لم يتحملوا فجوره وغادروا الى غير رجعة. بعد طلاق الزوجة الأخيرة وقع في حفرة تعد للصرف الصحي، فاصيب اصابات بالغة برأسه وأعضائه الداخلية ويقال انه كان يلاحق احدى نساء القرية قريبا من حرش للزيتون في اطراف القرية.
سكان البلدة يتحاشون الاختلاط به، سيرته سيئة، شراسته أخرست الألسن ،ليس سرا ان سعيدا منذ شبابه لم يترك فتاة تفر من شره في القرية، فضائحه الأخلاقية تجاوزت الى البلدات المجاورة وعلى ذمة الرواة ان بعض حوادث قتل النساء بحجة شرف العائلة كانت بسبب ما ارتكبه سعيد بحقهن.
- هل أسلم الروح؟
- هس.. هس .. ما زال يتحرك.
الأقرباء بهمس وبشعور من الضيق يترقبون انتهاء ساعاته الأخيرة، وكانهم ينتظرون الفرج.
- لم يحضر احد من اولاده..؟
- هربوا من سوء تعامله... اين نجدهم ؟
ليسامحه الله. -
- ربما هناك ضرورة إستدعاء ابانا الخوري ليناوله قبل موته.
- هل ذلك سيكون سببا لخلاصه من عذابه؟
- قال الطبيب لن يصمد حتى العصر ..
- قرار الموت بيد الرب وليس بيد الأطباء ..
- قدم قهوة يا بني.. وأحضر الماء البارد.. وأخفضوا اصواتكم يا جماعة.
- لماذا لم يحضر الخوري ليناوله ، لعل ذلك يختصر عذابه؟
فهم الأهل ان ذلك هو خلاصهم هم من الترقب الذي يبدو انه قد طال. اضاف أحدهم:
- لا بد ان يناوله الخوري لعل ذلك ينقذ روحه من عذاب جهنم .
رد عليه أحدهم:
- والله لو تضافرت جهود بابا روما وبطاركة اليونان وروسيا، لما انقذوا ظفرا منه لما ارتكبه بحق الناس من موبقات.
القصد من ذلك فضائحه الأخلاقية مع نساء القرية وشراسته التي جعلت العباد يتجنبونه ويقاطعونه في المناسبات.
- لم يترك امرأة من شره، حتى نساء عائلتنا عانين كثيرا من شره
- هس..هس .. بلاش فضائح. كفوا عن هذا الحديث الآن، عقابه لدى خالقه ، اعطونا شربة ماء.
- اذهب با بني الى خوري القرية ، قل له ان سعيدا بحالة حرجة وقد يغمض عينيه للمرة الأخيرة خلال الساعات القادمة ، نرجو حضورك لتناوله وتصلي عليه من اجل خلاص روحه.
- هل سيحضر الخوري حقا ؟
- على مهلك... واجب الخوري ان يخدم ابناء كنيسته.
خلال نصف ساعة وصل خوري القرية بصحبة انجيل ضخم على غير عادته، وقد اثار انجيله الضخم نظرات الحضور، يبدو ان أبانا الخوري قد فهم ما تتساءل عنه العيون حيث قال:
- قررت ان أحمل هذا الكتاب لأظهر لسعيد كم كانت خسارته عظيمة لأنه لم يعرفه ولم يؤمن به ولم يعمل بتعاليم الرب ليسير على هدى الأخلاق المسيحية التي تأمر بالمحبة والعمل الصالح.
- شكرا يا ابانا ماذا سيفيده ذلك والموت يقاسمه السرير؟
- ابنائي ان طرق الله لا يعلمها البشر، واجبنا القيام بما يفرح القلوب ويرضي الخالق، ونسلم أمرنا لله وابنه المخلص يسوع المسيح.
- وهل تنفع توبته وهو في ساعاته الأخيرة؟
- هذا ليس من شاننا ان نحكم عليه، الملك الوثني العظيم قسطنطين عُمد مسيحيا وهو على فراش الموت، ومات مسيحيا. نحن ننفذ تعاليم الله بايصال بشارة الخلاص للبشر، من يقبلها فله ملكوت الله، كما يعلمنا الانجيل المقدس، ونحن لا نضع شروطا على الله لغفرانه او عدم غفرانه لبعض الناس.
دخل الخوري غرفة سعيد حيث كان وجهه شاحبا، ونظراته توحي ان ساعته لم تحن بعد.
القى الخوري التحية، فرد سعيد بصوت واهن:
اهلا ابونا... -
- بني..هل تسمح لي بالصلاة من أجل خلاص روحك؟
لم ينتظر جوابا من سعيد حيث بدأ بصلاة "ابانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك..." شاركه فيها كل المتواجدين في الغرفة الا سعيد حيث جال بنظره على من حوله وتعابير وجهه لا تعبر عن أي شيء.
وضع الخوري انجيله الضخم قرب رأس سعيد وهو يقول: "ليصفح الله لك عن خطاياك، كما صفح لنا عن خطايانا جميعا، وهو الذي ارسل ابنه المسيح من اجل انقاذ البشر من خطاياهم".
فوجئ الجميع لاهتمام سعيد بالإنجيل.. وتساءل:
- ما هذا الكتاب الضخم يا ابانا؟
- انه الانجيل المقدس.
ونظر الخوري بعيون الأهل المتجمعين حول السرير، وكانه يقول لهم هل رأيتم فائدة احضار انجيل ضخم؟ تساءل سعيد:
- لماذا هو هكذا كبير؟!
- مضمونه أكبر يا سعيد، انه يحمل تعاليم المسيح.
يا للخسارة ، لأنني لم اعرف هذا الكتاب الكبير من قبل؟-
- انه كبير بنصوصه وتعاليمه.
- يبدو انه كتاب عظيم.. لم اعرفه من قبل...
- كنت ضالا يا بني، حان الوقت لتطلب الغفران من الله، لتلقى وجهه بروح تائبة ونفس خاشعة.
- يا لخسارتي العظيمة...
- لا تتعب روحك يا بني، قبل هذا الكتاب ، ضع علامة الصليب على صدرك واطلب من الله وابنه المسيح الصفح والغفران.
قام الخوري بوضع علامة الصليب ثلاثة مرات فوق سعيد الممدد على السرير وهو يقول:"لتصفح له يا ابانا الذي في السماء عن خطاياه ، كان ضالا وتاب ، كان تائها ووجد الطريق".
قال سعيد:
- اني أموت وحسرتي في نفسي... كنت بحاجة لهذا الكتاب.
استطرد الخوري:
- ليغفر الله لك آثامك مهما كانت .
أجاب سعيد:
. كان يجب ان اعرف هذا الكتاب الضخم من قبل-
- انها مشيئة الله ان تعود من ضلالك قبل موتك ...الحجم لا اهميه له، المضمون له قيمة عظمى، وهو ما نريدك ان تؤمن به.
كم هي عظيمة خسارتي.. ساموت وحسرتي في قلبي.-
احتار الخوري من كلام سعيد، ولم يجد ما يضيفه الا تكرار ما قاله سابقا.
واصل سعيد:
- كنت بحاجة لهذا الكتاب الضخم .. آه من المي وحسرتي
?ما هي حكايتك يا بني، لم اعد افهمك.. أفصح لنفهم ماذا تقصد -
اشتد الألم على سعيد،التقط انفاسه، نظر في عيون المحيطين به، وقال:
اني الومكم لعدم معرفتي بهذا الكتاب حين كنت بحاجة اليه. -
قال كبير العائلة:
- وهل كنت تسمع نصائحنا يا سعيد، حيث جلبت لنا الفضيحة تلو الأخرى لحماقتك ولسوء أعمالك؟
- نصائحكم لم تكن تنفعني، لو استمعت لكم لعشت ميتا في الحياة، ولكن هذا الكتاب كانت له ضرورته.
تبادل الأهل والخوري النظرات. التقط سعيد انفاسه وقال:
- اريد ان اروي لكم سبب حاجتي لهذا الكتاب حتى لا اموت وانتم على غير علم بما أقول، كنت عائدا من حقل والدي أقود عربة مليئة بالقش لإطعام القطيع وفي الطريق صادفت فتاة من اهل القرية عائدة مشيا في الظهيرة، أشفقت عليها ودعوتها لتصعد الى عربتي، فأنا أيضا أحمل قلبا رقيقا شفوقا... صعدت وجلست قربي خجلة. نظرت الى وجهها واعجبت بجمال عينيها، تناسق قسمات وجهها، وشعرت برغبة مجنونة لاضمها الى صدري واقبل عينيها ، تمنعت وقاومت، تغلبت عليها والقيتها وسط العربة فوق القش، كانت امامي ضعيفة وبكت. حاولت طمأنتها باني لن اسبب لها الألم فانا احب النساء واعشق دلالهن.. وعندما وصلتها هبط القش أكثر، هبط جسمها عميقا في القش .. حاولت رفعها لاعلو فوقها فانغرزت في القش اكثر.. محاولاتي باءت بالفشل.. وقد اقتربنا من القرية فاضطررت للتوقف عن محاولتي هذه حتى لا أورطها بمشكلة لا يعلم احد مداها. ولكن يا ابانا، لو كان بحوزتي هذا الكتاب الضخم، لأضعه فوق القش، لكان لي عونا وما عانيت من فشل وحسرة لم تفارقني حتى اليوم...
لم يكن سعيد من الذين أسعدهم الله بحياة زوجية هادئة. تزوج وطلق ثلاث مرات، رزق باربعة صبيان من الزوجات الثلاث .. حتى اولاده لم يتحملوا فجوره وغادروا الى غير رجعة. بعد طلاق الزوجة الأخيرة وقع في حفرة تعد للصرف الصحي، فاصيب اصابات بالغة برأسه وأعضائه الداخلية ويقال انه كان يلاحق احدى نساء القرية قريبا من حرش للزيتون في اطراف القرية.
سكان البلدة يتحاشون الاختلاط به، سيرته سيئة، شراسته أخرست الألسن ،ليس سرا ان سعيدا منذ شبابه لم يترك فتاة تفر من شره في القرية، فضائحه الأخلاقية تجاوزت الى البلدات المجاورة وعلى ذمة الرواة ان بعض حوادث قتل النساء بحجة شرف العائلة كانت بسبب ما ارتكبه سعيد بحقهن.
- هل أسلم الروح؟
- هس.. هس .. ما زال يتحرك.
الأقرباء بهمس وبشعور من الضيق يترقبون انتهاء ساعاته الأخيرة، وكانهم ينتظرون الفرج.
- لم يحضر احد من اولاده..؟
- هربوا من سوء تعامله... اين نجدهم ؟
ليسامحه الله. -
- ربما هناك ضرورة إستدعاء ابانا الخوري ليناوله قبل موته.
- هل ذلك سيكون سببا لخلاصه من عذابه؟
- قال الطبيب لن يصمد حتى العصر ..
- قرار الموت بيد الرب وليس بيد الأطباء ..
- قدم قهوة يا بني.. وأحضر الماء البارد.. وأخفضوا اصواتكم يا جماعة.
- لماذا لم يحضر الخوري ليناوله ، لعل ذلك يختصر عذابه؟
فهم الأهل ان ذلك هو خلاصهم هم من الترقب الذي يبدو انه قد طال. اضاف أحدهم:
- لا بد ان يناوله الخوري لعل ذلك ينقذ روحه من عذاب جهنم .
رد عليه أحدهم:
- والله لو تضافرت جهود بابا روما وبطاركة اليونان وروسيا، لما انقذوا ظفرا منه لما ارتكبه بحق الناس من موبقات.
القصد من ذلك فضائحه الأخلاقية مع نساء القرية وشراسته التي جعلت العباد يتجنبونه ويقاطعونه في المناسبات.
- لم يترك امرأة من شره، حتى نساء عائلتنا عانين كثيرا من شره
- هس..هس .. بلاش فضائح. كفوا عن هذا الحديث الآن، عقابه لدى خالقه ، اعطونا شربة ماء.
- اذهب با بني الى خوري القرية ، قل له ان سعيدا بحالة حرجة وقد يغمض عينيه للمرة الأخيرة خلال الساعات القادمة ، نرجو حضورك لتناوله وتصلي عليه من اجل خلاص روحه.
- هل سيحضر الخوري حقا ؟
- على مهلك... واجب الخوري ان يخدم ابناء كنيسته.
خلال نصف ساعة وصل خوري القرية بصحبة انجيل ضخم على غير عادته، وقد اثار انجيله الضخم نظرات الحضور، يبدو ان أبانا الخوري قد فهم ما تتساءل عنه العيون حيث قال:
- قررت ان أحمل هذا الكتاب لأظهر لسعيد كم كانت خسارته عظيمة لأنه لم يعرفه ولم يؤمن به ولم يعمل بتعاليم الرب ليسير على هدى الأخلاق المسيحية التي تأمر بالمحبة والعمل الصالح.
- شكرا يا ابانا ماذا سيفيده ذلك والموت يقاسمه السرير؟
- ابنائي ان طرق الله لا يعلمها البشر، واجبنا القيام بما يفرح القلوب ويرضي الخالق، ونسلم أمرنا لله وابنه المخلص يسوع المسيح.
- وهل تنفع توبته وهو في ساعاته الأخيرة؟
- هذا ليس من شاننا ان نحكم عليه، الملك الوثني العظيم قسطنطين عُمد مسيحيا وهو على فراش الموت، ومات مسيحيا. نحن ننفذ تعاليم الله بايصال بشارة الخلاص للبشر، من يقبلها فله ملكوت الله، كما يعلمنا الانجيل المقدس، ونحن لا نضع شروطا على الله لغفرانه او عدم غفرانه لبعض الناس.
دخل الخوري غرفة سعيد حيث كان وجهه شاحبا، ونظراته توحي ان ساعته لم تحن بعد.
القى الخوري التحية، فرد سعيد بصوت واهن:
اهلا ابونا... -
- بني..هل تسمح لي بالصلاة من أجل خلاص روحك؟
لم ينتظر جوابا من سعيد حيث بدأ بصلاة "ابانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك..." شاركه فيها كل المتواجدين في الغرفة الا سعيد حيث جال بنظره على من حوله وتعابير وجهه لا تعبر عن أي شيء.
وضع الخوري انجيله الضخم قرب رأس سعيد وهو يقول: "ليصفح الله لك عن خطاياك، كما صفح لنا عن خطايانا جميعا، وهو الذي ارسل ابنه المسيح من اجل انقاذ البشر من خطاياهم".
فوجئ الجميع لاهتمام سعيد بالإنجيل.. وتساءل:
- ما هذا الكتاب الضخم يا ابانا؟
- انه الانجيل المقدس.
ونظر الخوري بعيون الأهل المتجمعين حول السرير، وكانه يقول لهم هل رأيتم فائدة احضار انجيل ضخم؟ تساءل سعيد:
- لماذا هو هكذا كبير؟!
- مضمونه أكبر يا سعيد، انه يحمل تعاليم المسيح.
يا للخسارة ، لأنني لم اعرف هذا الكتاب الكبير من قبل؟-
- انه كبير بنصوصه وتعاليمه.
- يبدو انه كتاب عظيم.. لم اعرفه من قبل...
- كنت ضالا يا بني، حان الوقت لتطلب الغفران من الله، لتلقى وجهه بروح تائبة ونفس خاشعة.
- يا لخسارتي العظيمة...
- لا تتعب روحك يا بني، قبل هذا الكتاب ، ضع علامة الصليب على صدرك واطلب من الله وابنه المسيح الصفح والغفران.
قام الخوري بوضع علامة الصليب ثلاثة مرات فوق سعيد الممدد على السرير وهو يقول:"لتصفح له يا ابانا الذي في السماء عن خطاياه ، كان ضالا وتاب ، كان تائها ووجد الطريق".
قال سعيد:
- اني أموت وحسرتي في نفسي... كنت بحاجة لهذا الكتاب.
استطرد الخوري:
- ليغفر الله لك آثامك مهما كانت .
أجاب سعيد:
. كان يجب ان اعرف هذا الكتاب الضخم من قبل-
- انها مشيئة الله ان تعود من ضلالك قبل موتك ...الحجم لا اهميه له، المضمون له قيمة عظمى، وهو ما نريدك ان تؤمن به.
كم هي عظيمة خسارتي.. ساموت وحسرتي في قلبي.-
احتار الخوري من كلام سعيد، ولم يجد ما يضيفه الا تكرار ما قاله سابقا.
واصل سعيد:
- كنت بحاجة لهذا الكتاب الضخم .. آه من المي وحسرتي
?ما هي حكايتك يا بني، لم اعد افهمك.. أفصح لنفهم ماذا تقصد -
اشتد الألم على سعيد،التقط انفاسه، نظر في عيون المحيطين به، وقال:
اني الومكم لعدم معرفتي بهذا الكتاب حين كنت بحاجة اليه. -
قال كبير العائلة:
- وهل كنت تسمع نصائحنا يا سعيد، حيث جلبت لنا الفضيحة تلو الأخرى لحماقتك ولسوء أعمالك؟
- نصائحكم لم تكن تنفعني، لو استمعت لكم لعشت ميتا في الحياة، ولكن هذا الكتاب كانت له ضرورته.
تبادل الأهل والخوري النظرات. التقط سعيد انفاسه وقال:
- اريد ان اروي لكم سبب حاجتي لهذا الكتاب حتى لا اموت وانتم على غير علم بما أقول، كنت عائدا من حقل والدي أقود عربة مليئة بالقش لإطعام القطيع وفي الطريق صادفت فتاة من اهل القرية عائدة مشيا في الظهيرة، أشفقت عليها ودعوتها لتصعد الى عربتي، فأنا أيضا أحمل قلبا رقيقا شفوقا... صعدت وجلست قربي خجلة. نظرت الى وجهها واعجبت بجمال عينيها، تناسق قسمات وجهها، وشعرت برغبة مجنونة لاضمها الى صدري واقبل عينيها ، تمنعت وقاومت، تغلبت عليها والقيتها وسط العربة فوق القش، كانت امامي ضعيفة وبكت. حاولت طمأنتها باني لن اسبب لها الألم فانا احب النساء واعشق دلالهن.. وعندما وصلتها هبط القش أكثر، هبط جسمها عميقا في القش .. حاولت رفعها لاعلو فوقها فانغرزت في القش اكثر.. محاولاتي باءت بالفشل.. وقد اقتربنا من القرية فاضطررت للتوقف عن محاولتي هذه حتى لا أورطها بمشكلة لا يعلم احد مداها. ولكن يا ابانا، لو كان بحوزتي هذا الكتاب الضخم، لأضعه فوق القش، لكان لي عونا وما عانيت من فشل وحسرة لم تفارقني حتى اليوم...
مرسلة بواسطة
الشاعرة
في
1:41 م
0
التعليقات
إرسال بالبريد الإلكتروني
كتابة مدونة حول هذه المشاركة
المشاركة على X
المشاركة في Facebook
نصوص فيسبوكية- نوزاد جعدان
الصوت البعيد للعربات السائرة في الطين لا تسمع صهيل الخيول الكستنائية ..
الريح التي ورطت المطر بهواها وأنجبت حفيف الشجر والثمر ..أججت النار
لوجودك بالقرب أسمع صهيل قلبي
استل قلمي من غمد أشجارك ينشرها الهواء ..
وحين يشتد ندف الثلج أركض إلى كوخ قلبك
لأنسى أغنية الطين حين يخون ُ المطر
2
الريح التي ورطت المطر بهواها وأنجبت حفيف الشجر والثمر ..أججت النار
لوجودك بالقرب أسمع صهيل قلبي
استل قلمي من غمد أشجارك ينشرها الهواء ..
وحين يشتد ندف الثلج أركض إلى كوخ قلبك
لأنسى أغنية الطين حين يخون ُ المطر
2
حين يشتعل المساء بلون البرق يسكن المطر
وحين أمر على قريتنا تسكن أشباح الطفولة الأكواخ المنسية وبعض أقدام الطريق
وحين أتسكع في المدينة كالضباب ما من قمر يمد عنقه في شرفة السماء
وحدهُ حين أمر عليكِ أجدني طفلاً ابتل بالمطر
وصنع كوخاً من الطين تحت مرآة القمر
3
العصفورة الوديعة العينين إبريقُ الأماني في يديها
متلألئة كالشمس في رونقها، بهية كالليل
قالت لي : لا بد لأسراب العصافير أن تطير حولك حين تفرد جناحيكَ
ضباب الشتاء يغبش مرآة القمر
ولكن النار المؤججة في الحقول
يروي حولها عجائز القرية حكايا الحياة
ونساء القرية بجمالهن يطحن الدقيق بحجر الرحى
الريح إنها الريح صديقي ..الريح روح
العصفورة الحكيمة قالت لي
4
النجوم في السماء تبدو حبّات ليمون ناضجة بين أشجار الكستناء
كطفل يشعر بأنه غير محصن عن الألم أقفُ حين تبتعدين ..
أنحني بصمتٍ لأحرث أرضنا
حين تمر رياح الربيع ويخضر وجه الأرض خجلاً لتشقق التراب
أفتحُ النافذة وأبدأ التنفس في حديقتك
5
بعينيه المتوضئتين بأشعة الشمس العامل الهندي يغني للحياة
على الرصيف في الباص يسمع الأغاني ليغني للحياة
الأغاني محصول الفقراء لتربية سنابل الأمل
وحين أمر على قريتنا تسكن أشباح الطفولة الأكواخ المنسية وبعض أقدام الطريق
وحين أتسكع في المدينة كالضباب ما من قمر يمد عنقه في شرفة السماء
وحدهُ حين أمر عليكِ أجدني طفلاً ابتل بالمطر
وصنع كوخاً من الطين تحت مرآة القمر
3
العصفورة الوديعة العينين إبريقُ الأماني في يديها
متلألئة كالشمس في رونقها، بهية كالليل
قالت لي : لا بد لأسراب العصافير أن تطير حولك حين تفرد جناحيكَ
ضباب الشتاء يغبش مرآة القمر
ولكن النار المؤججة في الحقول
يروي حولها عجائز القرية حكايا الحياة
ونساء القرية بجمالهن يطحن الدقيق بحجر الرحى
الريح إنها الريح صديقي ..الريح روح
العصفورة الحكيمة قالت لي
4
النجوم في السماء تبدو حبّات ليمون ناضجة بين أشجار الكستناء
كطفل يشعر بأنه غير محصن عن الألم أقفُ حين تبتعدين ..
أنحني بصمتٍ لأحرث أرضنا
حين تمر رياح الربيع ويخضر وجه الأرض خجلاً لتشقق التراب
أفتحُ النافذة وأبدأ التنفس في حديقتك
5
بعينيه المتوضئتين بأشعة الشمس العامل الهندي يغني للحياة
على الرصيف في الباص يسمع الأغاني ليغني للحياة
الأغاني محصول الفقراء لتربية سنابل الأمل
مرسلة بواسطة
الشاعرة
في
1:13 م
0
التعليقات
إرسال بالبريد الإلكتروني
كتابة مدونة حول هذه المشاركة
المشاركة على X
المشاركة في Facebook
طقوس ليلية /اوعاد الدسوقي
لازلت في حالة
إنعــدام وزن
يتملكني الذهول
و الدهشة وسؤالا
حائــرا يتــردد
بين أرجاء نفسي
كيف نزعتني مني
و الصقتني بروحك؟!
فأصبحت أنثي
مذهو بك مغرورة فيك
أستلهمك كل ليلة
لأمارس معك طقوس
العشق الروحي
أنثر أريج أنفاسك
علي خاصرتي
أعانق طيفك الحاضر
دائمـــا حـولي
القي بكفي في
حضن راحتيك
كعصفور صغير
يغفو مطمئنا هادئا
تغريني موسيقي
صوتك بالتمايل
والرقص الي أن
ينهكني الشوق
و يسكرني الحنين
فأتحرر من كل شئ
إلا من ذاك الشعور
بـ إنصهاري فيك
و تدفق نبضك
في شرياني
يا رجلاً حطم بشموخه
كبـريـــائـــي
علي صخرة رجولته
أنا العاشقة لك
حد الهذيان
حد الإدمان
أحتسيك خمرا
في كأسا من
سحر و غرام
أرتشفك بنهم
عطشا تطوق
للإرتواء من
عسل لماك
التهمك بـ لذة
امرأة جائعة
الي كسرة حب
تعتلي غيمات الجنون
في عينيك فتتساقط
أمطار الوله تبلل
الضلوع بلهفة اللقاء
اوعاد الدسوقي
المستشار الإعلامي لرابطة
المبدعين والمثقفين الدولية
بامريكا
مرسلة بواسطة
الشاعرة
في
1:07 م
0
التعليقات
إرسال بالبريد الإلكتروني
كتابة مدونة حول هذه المشاركة
المشاركة على X
المشاركة في Facebook
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)